سارة لم تشهد إلا بالحق

في الـ 15 من يونيو “حزيران” الماضي قررت أن أعيش “عزلة طوعية” انتهت -كما ابتدأت- دون ترتيب، خلال 18 يومًا.. أغلقت هاتفي والتزمت منزلي؛ إذعانًا لحالتي المزاجية التي تأثرت بتفشي الجائحة كوفيد 19.

قبل نحو 48 ساعة من إغلاق هاتفي، مررت على “حالة واتساب” للاعب كرة القدم خالد الزيلعي، فيها صورة والده الراحل محمد الزيلعي، يتوسطها الدعاء “أسأل الله العظيم أن يغفر ويرحم من اشتاقت الأنفس لرؤياه…”.

تصادفت عودة هاتفي لحياته الطبيعية مع انتشار تسجيل مرئي للزميلة سارة عبد العزيز، تستغيث خلاله لنجدة اللاعب خالد الزيلعي، مع تسجيل حالته الصحية تراجعًا مخيفًا.

قبل أن تبكيه الإعلامية سارة؛ بثمانية أيام، كشف الزيلعي عن إصابته بالتصلب الجانبي الضموري بعمر الـ 33 عامًا و40 يومًا.. استيقظ الشاب الثلاثيني على صباح يُنذر بنهاية مشواره الكروي مبكرًا، بعدما خانه جهازه العصبي بين ليلة وضحاها.

التقيت الزيلعي للمرة الأولى أواخر نوفمبر 2008، في ملعب نادي الحزم بالرس؛ بعيد نهاية مباراة جمعت أصحاب الأرض بفريقه الأسبق “أبها”. تجاوزني بخطوتين؛ بعد أن أجاب على أسئلتي الصحافية، ثم عاد إلي يسألني عن إسمي.. ارتسمت الصورة النمطية الأولى عنه على أنه إنسان غير متكلف يتعامل بتلقائيته.

وتصافحنا للمرة الأخيرة في وقت متأخر من إحدى ليالي منتصف يناير 2017، داخل مبنى mbc حيث أعمل وقتذاك.. جاء للمشاركة ضيفًا عبر الأقمار الاصطناعية في قناة العربية. ترك هاتفه في مكتبي، ثم عاد بعد مداخلته الفضائية ليقضي بعض الوقت رفقتي، قبل أن يرحل.

لم ينقطع الاتصال الهاتفي بيننا. وكان أكثر ما يلفتني إليه -ضمن خصاله الحسنة- دعاؤه الصالح المتواصل لوالده الراحل قبل نحو 3 أعوام، إذ يلامس ذلك الفعل مناطق إثارة الإعجاب داخل قلبي للأبناء البررة.

قالت سارة عبد العزيز إن الزيلعي أكثر إنسان خلوق في الوسط الكروي بين الذين قابلتهم.. وأنا أصادق على ما قالته.

اللهم اشف خالد الزيلعي بقدر ما كان فيه من بر لوالده خلال حياته وبعد مماته، اللهم عافِ بدنه بقدر ما ترك فينا من انطباع حسن عنه وعن تربيته.. اللهم أعده سالمًا صحيحًا بقدر رحمتك التي وسعت كل شيء يا الله.


تم النشر في
مصنف كـ تدوينات

بواسطة عروة العلي

ليس أكثر من كوني أحد العرى.. عروة العلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *